الثلاثاء، ٢٧ أبريل ٢٠١٠

رحلة قصيرة جدا

في محطة القطار كل لحظة لها قيمة وكل ثانية بداية انطلاق رحلة جديدة. ونحن نبحث عن القطار المناسب لرحلتنا القصيرة.
فلكل رحلة بداية ونهاية وما بينهما واقع نعيشه ونتعايش معه فمنا من يستمتع بكل لحظة في الرحلة ويقدر قيمتها رغم عراقيلها، وهناك أيضا من يمقتها وينتقدها وتنتهي رحلته وقد فقد فرصة الاكتشاف والاستمتاع بهذه الرحلة القصيرة، رحلة العمر قصيرة جدا ولكل محطة مفرداتها ومعانيها وعلى المسافرين التعرف جيدا على كل ما فيها، لأن ذلك يعوق المحطة التي تليها.
المحطة الأولى... التعلم
تنطلق هذه المرحلة منذ اللحظة الأولى لتواجدنا في الحياة، فنعرف مفردات الحياة وأبجديتها ومعانيها المتعددة وقواعدها الأساسية وتوضع اللبنة الأولى للأفكار والعواطف والعلاقات، التي ستقوم عليها المراحل الأخرى وترتسم فيها ملامح الصورة عن الذات ومدى الثقة بالنفس والخوف والإيمان والشجاعة... أخطر ما في هذه المرحلة أن التعلم يكون من خلال الآخرين لا نتدخل نحن فيه، لذلك الأفكار والعواطف السلبية والايجابية الخاصة بالوالدين أو المعلمين أو القائمين على الرعاية، تظل دائما في العقل اللاوعي وفي خلايانا فنحن الورقة البيضاء نستقبل جميع الألوان المبهجة والقاتمة. وتستمر هذه المرحلة حتى العشرين أو الخامسة والعشرين عاما.
المحطة الثانية... التجربة والعواطف والأحاسيس
إنها مرحلة حرجة جدا قد يتعثر فيها الكثير حين يواجهون الحقائق المجردة للحياة فتتعلق مشاعرهم وأحاسيسهم برمز أو شخص ما، وهناك من لا يتحمل قسوة الحياة فيلجأ إلى الهروب بأشكاله المتعددة. ففي هذه المرحلة تصنعك عاداتك أو تحطمك ولكي تمر هذه المرحلة بسلام علينا أن نتقن مهاراتها التي تتمحور حول الانضباط الذاتي والمثابرة لتحقيق الأهداف، وقد تبقى حتى الأربعين أو الخامسة والأربعين عاما.
المحطة الثالثة... مرحلة القوة
وتبدأ من نهاية المرحلة السابقة إلى الستين عاما في هذه المرحلة تتجمع كل الخيوط وتبلغ النجاحات ذروتها والسيطرة على العواطف، بعد رحلة طويلة من التعلم والتجارب للقواعد الأساسية للحياة، وفيها نبلغ جوهر كياننا ونستطيع الاختيار والقرار بقوة وإصرار ونتقن الكثير من الأشياء، التي تجعلنا نستمتع بهذه المحطة من حياتنا وتتجسد انجازاتنا
المحطة الرابعة... مرحلة التقييم.
إنها المحطة الأخيرة التي نقيم فيها ما قمنا به من انجازات، وأهداف وما أسهمنا به وقدمناه لهذا العالم، وتكون الرؤية هنا للأشياء أكثر شفافية وتصبح لدينا القوة المغناطيسية والإرادة القوية، لجذب كل ما نريد لتحقيق رؤيتنا ولا سبيل للمنع أو الهزيمة مهما تكن العقبات التي تعترض المسار.
هذه المحطات الأربع قد تختلف من إنسان لآخر، من خلال الفترة الزمنية لكل مرحلة، فهناك الكثير من العظماء في تاريخ البشرية الذين تركوا بصمات لن يمحوها الزمن عاشوا أعمارا قصارا، وبنظرة متفحصة لحياتهم سنجدهم وصلوا للمرحلة الرابعة في إيقاع سريع للغاية فلاسكندر الأكبر قام بالعديد من فتوحاته في سن الثانية والثلاثين، وأثر مارتن لوثر كنج في ضمير الإنسانية قبل أن يتم الأربعين عاما. فقطار الحياة سريع جدا ومن يرد اللحاق به عليه أن يدرك في أي محطة يقف ويستعد للمرحلة المقبلة، فكل لحظة في حياتنا مهمة فأيامنا هي نسخة مصغرة من حياتنا فنحن من نحدد خط سير الرحلة لنصل الى بر الأمان... فلترافقكم السلامة.

Amal_rand@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق