الجمعة، ٢٦ مارس ٢٠١٠

أرقى العواطف

من منا لم يحب... وشعر بسعادة وألم الحب؟!
فالحب يجعل أيامنا ربيعاً ومشاعرنا تطير كالريح. الحب الحقيقي كالنهر لا ينضب بل يتجدد دائما .فهو لمسات من العطاء والوفاء والتسامح وتقاسم أجمل اللحظات. انه حاجه نفسية تحتاج إلى إشباع باستمرار. فكما يحتاج الإنسان للاحتياجات العضوية المتمثلة في « الطعام, الشراب، النوم, الراحة....» يحتاج أيضا إلى الحب حتى يشعر بالتوازن .وأرقى أنواع الحب... حب الأمومة هذا الحب الذي لا ينتظر مقابلا ولا ثمنا لأنه يتسم بالعطاء المستمر والإيثار أحيانا. فعلاقة الأم بالطفل تتمثل في عدة علاقات.
«علاقة بيولوجية» في مرحلة الحمل والوضع و«علاقة نفسية» تتمثل في الرعاية والمشاركة والعطاء والحب. والأمومة أنواع... أمومة كاملة وتكون «بيولوجية ونفسية»، وهي أقوى أنواع الأمومة لأن العلاقة بين الأم والطفل تكون في أكمل صورها، منذ الحمل والوضع والتلازم المستمر بينهما. أما الأمومة البيولوجية تتجسد في الحمل والولادة فقط. وتكون المشاعر عند الأم قوية ولكنها ليست كذلك لدى الابن فالأبناء لا يشعرون بالأمومة البيولوجية، وإنما بالأمومة النفسية التي تتجسد في الحنان والعطاء والحب المتدفق دائما وهذا النوع يدركه الطفل ويستمتع به ويكون له الأثر الكبير على نفسه. فكثير من الشعراء والكتاب عبروا عن أحاسيسهم المرهفة تجاه علاقاتهم المميزة والحميمة بأمهاتهن بصور متنوعة ومؤثرة، تعبر عن مدى عمق وشفافية المشاعر بينهم. في قصيدة «أحن إلى خبز أمي» للشاعر محمود درويش يصف إحساسه بأمه بجمل جميلة رنانة تعبر عن الحنين والشوق بقوله:
أحن إلى خبز أمي
وقهوة أمي
ولمسه أمي
أعشق عمري لأني إذا مت، أخجل من دمع أمي!
والكاتب مصطفى أمين عبر عن افتقاده وألمه لأمه- رغم وفاتها منذ أكثر من ثلاثين عاما- في مقال «حياتي قصة حب!»... مازلت أشعر أن جرح فراقها ينزف حتى الآن.
فالارتباط بعاطفة «الأمومة النفسية» قوي جدا وتأثيره أعمق في النفس. وعادة تشبعه الأم وفي بعض الأحيان يشبعه أشخاص آخرون يتمتعون بعاطفة «الأمومة النفسية»، فلديهم قدرة كبيرة على العطاء والتسامح والمثابرة للحفاظ على أحبابهم. فكثير من المعلمين والقادة والأصدقاء يحملون هذه العاطفة الراقية، وينثرون الحنان والمودة على من يحبون ويغمرون الحياة بنكهة يستحيل على من يشعر بها أن يعبر عن مدى شفافية شعوره، فما عليه سوى التلذذ بطعم الحب الذي يغلفه السكينة والسلام فالحب ليس عاطفة ووجدانا فقط إنما مصدر للطاقة وإلانتاج. فنحن في رحلة الحياة لا نستطيع أن نسير بمفردنا بغير أحباب لأنهم العمود الفقري لظهورنا والدروع لصدورنا ورؤوسنا وقناديلنا إذا انتشر الظلام حولنا. فتحية لكل أم كل يوم تحمل معنى الأمومة الكاملة. وكل من زرع في قلبه عاطفة «الأمومة النفسية» ونثر بذور الحب والعطاء لمن حوله. فكل يوم ونحن نحبكم وأنتم تحبوننا.

الثلاثاء، ٩ مارس ٢٠١٠

احرص عليه

إذا كنت من أصحاب المزاج المتقلب، ولديك إحساس بالقلق دائما وتجد صعوبة في تكوين علاقات مستقرة ودافئة مع الآخرين، تشعر كثيرا بعدم الرضا عن نفسك وعلى من حولك، لا تشعر بألفة في المجتمع الذي تعيش فيه...
فأرجو أن تواجه نفسك، لتكتشف أنك تفتقد الذكاء العاطفي... فهذه الخطوة الأولى في طريقك نحو ذاتك وفرصتك للنجاح والسعادة في الحياة.
فالذكاء العاطفي: قدرة الإنسان على التعامل الايجابي مع نفسه وعواطفه ومع الآخرين، بحيث يحقق أكبر قدر ممكن من السعادة لنفسه ولمن حوله يعتمد على قاعدتين أساسيتين:
الأولى: ادراك العواطف أي يعرف الإنسان ما الذي يشعر به؟ ولماذا يشعر؟ وعلاقة ما يشعر به بطريقة تفكيره وانفعاله؟
الثانية: التعامل مع هذه العواطف بطريقة صحيحة وتوجيهها وإدارتها، بحيث لا تؤثر على يومه وحياته. فمثلا إذا شعرنا بالغضب فنحن لا نقرر أننا سنغضب بل نحن تعرضنا لموقف لذلك شعرنا بالغضب... المهم أننا أدركنا عواطفنا وعرفنا أننا في حاله من الغضب، فنحن لا نستطيع أن نوقف هذا الشعور ولكن نستطيع أن نقرر ماذا نفعل حياله ونسيطر على هذه الشعور بقدر الإمكان. فهنا نقود أنفسنا لأننا نملك قوة الإرادة والتحكم في الذات والانفعالات، لأننا استخدمنا ذكاءنا العاطفي. قد أكدته الدراسات أننا نستطيع أن ننمي هذا الذكاء بنسبة تصل إلى 80 في المئة. في حين أن الذكاء الأكاديمي عند تنميته تصل نسبته إلى 2 في المئة مهما تعاظمت الجهود. فأكثر من 50 في المئة من الرؤساء التنفيذيين لكبرى الشركات قد حصلوا على تقدير مقبول في الجامعة. 65 في المئة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي كانوا من النصف الأخير في فصولهم في المدرسة. وأكثر من 50 في المئة من رجال الأعمال المليونيرات لم يكملوا دراستهم الجامعية، فهذا لا يقلل من قيمة الذكاء الأكاديمي أبدا ولكن يؤكد على مدى أهمية الذكاء العاطفي وضرورته، لأنه يجعل عواطفك وانفعالاتك تحقق مكاسب لك فيجعلك في أداء وظيفي متميز وعلاقات إنسانية ناجحة. فهناك كثير فشلت حياتهم المهنية بسبب سوء العلاقات وفشلهم في بنائها وقيادة الفريق وعزفهم عن التغير والتكيف. فتنمية الذكاء العاطفي منذ الصغر في نفس الطفل مهم جدا في نشر بذور الحب والعطاء، والتعبير عن ذاته وإمكاناته يخلق داخله قدرة هائلة وطاقة لا حدود لها لتحقيق أحلامه، فقصة السلطان محمد الفاتح «فاتح القسطنطينية» في عمر 23 عاما، نموذج لعواطف تغلغلت وتمكنت في القلب والعقل وترجمت إلى فعل بفتح القسطنطينية، فقد غرس في نفسه حب الجهاد والنصر من قبل معلمه الشيخ آق شمس الدين، الذي تولى تربيته وكان يأخذه ويمر به على الساحل ويشير إلى أسوار القسطنطينية ويخبره أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشر المسلمين أن رجلا من أمته سيفتحها بجيشه، وظل يردد هذه المقولة للأمير الصبي حتى نمت شجرة الهمة والحماس في نفسه وترعرعت الرغبة القوية في قلبه، فعقد العزم على أن يجتهد ليكون هو ذلك الفاتح الذي بشر به. ومن اللحظة الأولى لتوليه مقاليد الحكم بدأ الإعداد لفتح القسطنطينية، وقد فتحها بعد عام واحد فقط. وعندما كان يفاوض الإمبراطور ليسلمه القسطنطينية ورفض قال: «حسنا عما قريب سيكون لي في القسطنطينية عرش أو يكون لي فيها قبر» يا لها من عزيمة. وحاصرها 51 يوما وبعدها سقطت المدينة المحصنة التي استعصت على كثير من الفاتحين قبله. وتحقق ما كان يحلم به طوال عمره. فالذكاء العاطفي يمكن أن يكتسب فلنحرص على اكتسابه، فلإنسان يستطيع أن يتحكم في انفعالاته ليتمتع بالصحة النفسية ويتفق مع ذاته «من أهم أسباب السعادة أن تكون على وفاق مع ذاتك» مونتل. وجعل العواطف جسرا من التواصل الايجابي مع العالم الخارجي، فهناك تناسب طردي بين ما نعطيه للحياة ونأخذه منها... فمنح حياتك الحب والتسامح والعطاء والارتقاء والبهجة والنجاح ستهديك أجمل وأسمى الصفات.
«انك إذا أعطيت من ممتلكاتك فإنما تعطي القليل... ولن يكون العطاء حقا إلا عندما تعطي من نفسك... جبران خليل جبران.