السبت، ٢٧ فبراير ٢٠١٠

أنت قوي؟

أحيانا نحتاج أن نقف مع أنفسنا ونقيمها بصدق وشفافية، لنكتشف هل نمتلك شخصية قوية أم ضعيفة؟
وتقيمنا لأنفسنا ليس بالشيء السهل، وإنما يحتاج استرجاع أيام وشهور وسنين من حياتنا ظهرت فيها مدى قوة وصلابة شخصيتنا.
فالقوة ليست بقوة العضلات والعنف والسيطرة، وإنما بالحكمة والتواضع والعطف والتسامح وبالحب والعطاء والاعتراف بالأخطاء، بقيادة النفس وثقلها بالخبرات، بالكفاءة والذكاء والقدرة على أداء المهام مهما اختلفت الأشكال. يقول ابن تميمة: القوة في كل عمل بحسبها. فالقوة في إمارة الحرب ترجع إلى شجاعة القلب والى الخبرة بالحرب، والقوة في الحكم بين الناس ترجع إلى العلم بالعدل.
الشخصية القوية... هي الشخصية التي تستمر في النمو والتطوير. وتستفيد من كل الإمكانيات والقدرات التي وهبها الله لها ولا تعرف اليأس أو المستحيل، «فالصخور تسد الطريق أمام الضعفاء أما الأقوياء فيستندون عليها للوصول إلى القمة». فالعظماء والناجحون هم الذين يخرجون من تجربة الفشل أكثر صلابة وقوة لأنهم يستفيدون من أخطائهم وفشلهم أكثر من استفادتهم من نجاحاتهم، ولا يوجد إنسان عاش معترك الحياة لم يذق الفشل والنجاح فالضعفاء فقط هم الذين ييأسون عندما يفشلون ويعتقدون أنهم لا يستطيعون أن يصنعوا شيئا. يقول هنري فورد: الفشل ما هو إلا فرصة للبدء من جديد بذكاء أكبر.
فكل من تركوا بصمة مميزة في هذا العالم خاضوا الكثير من معارك الحياة بقوة وصلابة حتى حققوا أهدافهم، فقصة حياة ابراهم لينكون أقوى رؤساء أميركا في التاريخ معلن وثيقة تحرير العبيد فعلى يديه تحرر نحو ثلاثة أو أربعة ملايين عبد، كانت حياته سلسلة من الإخفاقات والعثرات فمنذ أن كان في الحادي والثلاثين إلى الستين، لوصوله لمنصب الرياسة وحياته علاقات من الفشل، الذي لا ينتهي بدخوله ميدان التجارة والخسارة وهروب شريكه وقيام لينكون بمفرده بالسداد لمدة سبع عشرة سنة متوالية من الأقساط، ومع ذلك عاد للتجارة مرة أخرى ولكن فشل من جديد، وفي حلبة السياسة خاض العديد من المناوشات الانتخابية في الكونغرس الأميركي وأيضا مجلس الشيوخ، وبأت جميعها بالفشل ومع ذلك لم ييأس ورشح نفسه في عمر الستين للرئاسة وأصبح رئيسا لأقوى دولة. يا له من رجل ذي إرادة فولاذية لم تكسره وتضعف قوته الإخفاقات التي تعرض لها على مدى 29 عاما من الفشل، فالأزمات تكشف مدى قوة الشخصية، وهناك مثل روسي يقول: «المطرقة تكسر الزجاج ولكنها تشكل الصلب»، فهل شخصيتنا من الزجاج أم من الصلب؟
والشخصية القوية يمكن أن نكتسبها من التعلم من الأخطاء وشحذ النفس بالطاقة، لمواجهة الصعاب هناك ثلاث صفات للشخصية القوية وهي: الثقة بالنفس... كلما كان الإنسان واثق في نفسه وإمكاناته، يدرك ما يمتلكه من مميزات وهبها الله له وقدرات ينميها ويطورها ويحقق ا إنجازات مهما كانت العقبات، فتتجلى قوة شخصيته وثقته بنفسه، التعبير عن الذات... انها من أهم سمات الشخصية القوية التعبير عن أفكاره وأحاسيسه في الوقت المناسب الدفاع عن المصالح... لديه إحساس عال بتحمل المسؤولية وحماية المصالح والحقوق المشروعة، فلا يتعدى على حقوق الآخرين ولا يسمح في التفريط بحقوقه، فالإنسان القوي مزيج من «قوة النفس + قوة التفكير = شخصية قوية». يقول غاندي: « القوة لا تأتي من الإمكانات الجسدية بل من عزيمة الإرادة». فإذا قيمت نفسك بشفافية ووجدتها تحمل هذه الصفة الزكية، فاسعد بنفسك وافتخر لأنك من أصحاب الهمم العالية... انت قوي

الأربعاء، ١٧ فبراير ٢٠١٠

انه يتكلم

التواصل مع الآخرين شيء جميل والأجمل التواصل الفعال الايجابي، هناك العديد من اللغات يستخدمها الإنسان ويتعلمها للتواصل ولكن هناك لغة واحدة يستخدمها جميع البشر... إنها لغة الجسد.
لا تحتاج إلى حروف ولا كلمات فأدواتها نغم وأوتار الأحاسيس والمشاعر فالحركات التعبيرية... الوجه، نبرات الصوت، الرأس أو اليدان أبلغ من أي كلام. فهي أفضل لغات التواصل وتعبر عن الثقافة والبيئة. ولكي نفهمها علينا أن نأخذ بعين الاعتبار الفروق الثقافية والبيئية. فنستطيع أن نفهم الشخصية التي أمامنا من خلال إيماءتها، فالسياسيون يعرفون بدقة أهمية لغة الجسد، ويستخدمونها في خطبهم لتوصيل رسائل غير معلنة للجمهور، وكان الرئيس الأميركي ذو الشعبية الكبيرة جون كينيدي يستخدمها بسلاسة وطلاقة، فالبشر يتواصلون بالإيماءات والإيحاءات والرموز قبل اللغات وتأثيرها أقوى بخمس مرات من الكلمات. فمثلا عند ربط الشخص ذراعيه على صدره فهذا يعني أن هذا الشخص يحاول عزل نفسه عن الآخرين أو يدل على أنه خائف، كما أن اتجاه الجسد أو جزء منه يدل بشكل غير مباشر على الاتجاه الايجابي نحو الشخص الآخر كأن يضع يديه على الطاولة باتجاه الشخص المتحدث فهذه دعوة لتكوين علاقة حميمة. واللمس من الأشياء التي تؤثر على التواصل الودي مع الطرف الآخر، ويجعل الحديث أكثر ألفه. ففي فرنسا معدل اللمس 110 لمسات في الساعة، أميركا لمستان، بريطانيا لا يوجد. أما السهام النافذة «العيون» فتتخطى كل اللغات وتغزو كل الحصون، فتحكي بلمحة ما يعجز عنه اللسان وتتسلسل إلى أعماق النفس لتبوح بكلماتها الخاصة جدا والصادقة، فالعين من مفاتيح الشخصية وتعبر عما يدور في العقل بمنتهى الشفافية فعندما يتسع بؤبؤ العين يدل على أن الإنسان سمع شيئا يسعده أما إذا ضاق فيدل على أنه سمع شيئا لا يصدقه. فالعين مرآة للحالة النفسية لأنها تعبر بشكل غير شعوري عما يكنه الإنسان من مشاعر. فهي بالنسبة للشعراء القصيدة والوحي الذي يلهم الملاحم الشعرية فهي ليست جمالا مجردا، إنما تعبر بأعظم ما ينطقه اللسان لأنها تفصح عما يخفيه القلب فهي لغة لا تعرف الكذب ولا الرياء تعكس كل المشاعر وتبوح بالأسرار، فنظرة قد تختصر ببلاغة حديثا بأكمله. والكلمة المعرفة من غير حروف «الابتسامة» فهي سيمفونية هذه اللغة فلها تأثير فسيولوجي على الجسم فتساعد على تدفق الدم الحامل للأكسجين إلى الدماغ فتنعشه وتعطيه حيوية ونشاطا، أما تأثيرها الخارجي فيكون ايجابيا جدا فالوجوه الباسمة تعطي تأثيرا مهدئا ومبهجا وترسل رسائل بالدفء والود «إن أكثر الأيام ضياعا هو اليوم الذي لم يضحك فيه المرء».
يقول غاندي: شق طريقك بابتسامة خير من أن تشقه بسيفك. وهناك دراسة أثبتت مدى أهمية لغة الجسد في التواصل الجيد مع الآخرين. فنجد أن 55 في المئة تأثر لغة الجسد، 38 في المئة نبرة الصوت، 7 في المئة الكلمات والألفاظ. انها لغة ذات دلالات عميقة نستخدمها، وقد لا ندرك مدى أهميتها في تحسين علاقتنا مع الآخرين.
فأجسادنا تفصح عما بداخلنا وإن لزم اللسان الصمت